قبل انطلاق نهائيات كأس الأمم الأفريقية السادسة والعشرين التي اختتمت فعالياتها يوم الأحد الماضي في غانا، اتجهت معظم الأنظار نحو المنتخب الكاميروني لمعرفة ما ستفعله "الأسود التي لا تقهر" في هذه البطولة، التي اعتبرها الكثيرون نهاية حتمية لبعض اللاعبين.
وبالتأكيد كان على رأس هؤلاء اللاعبين نجم الدفاع المخضرم ريغوبير سونغ، الذي أثار كثيراً من الجدل في الآونة الأخيرة نظراً لأن البعض اعتبره نقطة ضعف في دفاع الأسود، فيما اعتبره آخرون عنصراً مهماً في صفوف المنتخب الكاميروني، ولكن مع نهاية فعاليات البطولة أدرك الجميع أنها كانت النهاية الحتمية لقائد الأسود ريغوبير سونغ والبداية لعضو آخر من عائلة سونغ وهو ابن شقيقه لاعب خط الوسط ألكسندر سونغ.
وشتان ما بين سقوط سونغ الكبير وبروز سونغ الصغير في هذه البطولة القوية، التي شهدت هزيمة الأسود مرتين أمام المنتخب المصري، فقد بدأ الفريق مشواره في البطولة بالسقوط المهين (2-4) أمام "الفراعنة" ثم سقط مجدداً بهدف نظيف أمام الفراعنة أيضاً في المباراة النهائية، وكان لثغرة سونغ الكبير دور رئيسي في انتصاري الفراعنة، في حين شهدت البطولة بزوغ نجم سونغ الصغير ليكون أحد مكاسب الأسود في هذه البطولة.
بداية طيبة لألكسندر مع المنتخب
ومن الصعب أن يصدق أحد أن ألكسندر سونغ لم يشارك سابقاً مع المنتخب الكاميروني فقد كانت بطولة كأس الأمم الأفريقية بغانا ضربة البداية بالنسبة له مع الأسود، والمثير للدهشة أن ألكسندر (20 عاماً) الذي نال جائزة أفضل لاعب شاب في البطولة، والذي اختير ضمن التشكيلة الأساسية لمنتخب أفريقيا بناء على مستواه فيها، لم يكن ضمن التشكيلة الأساسية لمنتخب بلاده خلال العرس الأفريقي.
وبدأ ألكسندر سونغ مشواره في البطولة الأفريقية على مقاعد البدلاء في الشوط الأول من مباراة المنتخب الكاميروني مع نظيره المصري، في بداية مشوار الفريقين بالبطولة، ولكن مع انتهاء هذا الشوط بتخلف الأسود (صفر-3) أمام الفراعنة دفع الألماني أوتو فيستر المدير الفني للمنتخب الكاميروني باللاعب الشاب بدلاً من ستيفان مبيا في الشوط الثاني لضبط إيقاع خط وسط الفريق، لتكون بداية سونغ الصغير لاعب آرسنال الإنكليزي مع أسود الكاميرون.
الجدير بالذكر أن سونغ الصغير نال إشادة عمه ريغوبير قائد المنتخب الكاميروني، الذي قال عن ألكسندر إنه صديقه الذي يفتخر به، وأوضح ريغوبير أن ألكسندر لا يلعب بانتظام مع فريق آرسنال، ولذلك كان أداؤه العالي في البطولة الأفريقية بغانا مثار سعادة للجميع .
ولعب ألكسندر سونغ لفريق باستيا الفرنسي بداية من عام 2003 وحتى انتقل إلى آرسنال في عام 2005 ولكنه أعير في كانون الثاني/يناير 2007 إلى تشارلتون الإنكليزي لمدة ستة شهور فقط، عاد بعدها إلى صفوف آرسنال حيث شارك معه في أربع مباريات فقط بالدوري الإنكليزي هذا الموسم، ولكنه خاض معه ثلاث مباريات في بطولة دوري أبطال أوروبا.
ويبدو أن الفرنسي أرسين فينغر المدير الفني لآرسنال كان يرغب تحويل ألكسندر من اللعب بوسط الملعب إلى مركز قلب الدفاع، ولكن ينتظر أن يغير فينغر تفكيره بعد أداء ألكسندر في البطولة الأفريقية، والذي أظهر تفوق اللاعب في خط الوسط خاصة في مباراة فريقه أمام المنتخب الغاني بالدور قبل النهائي، والتي فاز فيها بجائزة أفضل لاعب في المباراة.
ريغوبير سونغ يتمنى تجاوز الكبوة
وعلى النقيض تماماً، كانت النظرة في نهاية البطولة إلى العم ريغوبير سونغ، الذي يرى الكثيرون أنه كان نقطة ضعف كبيرة في صفوف الأسود حتى أن البعض اعتقد أنه تجاوز الأربعين من عمره وأصبح في حاجة لمن يحرسه بعد أن كان في الماضي صمام أمان أمام مرماه.
ومازال سونغ في الحادية والثلاثين من عمره، لكنه قد لا يظهر مجدداً في صفوف المنتخب الكاميروني الذي قاده من قبل للقب البطولة الأفريقية عامي 2000 و2002، حيث شارك في البطولة الأفريقية بغانا لتكون السابعة له ليعادل بذلك الرقم القياسي المسجل باسم الحارس الايفواري السابق آلان غواميني والذي عادله مؤخراً أيضاً أحمد حسن قائد المنتخب المصري، كما أن المباراة النهائية للبطولة أمام المنتخب المصري كانت رقم 33 بالنسبة لسونغ في نهائيات البطولات الأفريقية، وهو رقم قياسي آخر.
وبعد الهزيمة أمام المنتخب المصري في نهائي البطولة، أكد سونغ أنه لم يفكر بعد في مستقبله مع المنتخب الكاميروني، ولكنه يحلم بقيادة الفريق للعودة إلى بطولات كأس العالم بعدما غاب الفريق عن نهائيات البطولة السابقة عام 2006 بألمانيا.
وعن مستواه في البطولة الأفريقية والأخطاء التي ارتكبها، قال سونغ إن: "الأخطاء واردة وما من لاعب إلا ويخطئ في الملعب، ولذلك يجب أن يكون تقييم اللاعبين قائماً على المستوى الإجمالي لهم وليس على الأخطاء التي يرتكبها اللاعب من حين لآخر".
أما بالنسبة لرأيه في المنتخب الكاميروني الذي شارك في هذه البطولة، فقال سونغ إن الفريق يضم مجموعة من اللاعبين المتميزين، الذين يمكنهم تقديم مستوى جيد، مثل صامويل إيتو وجيريمي نجيتاب واللاعبين الشباب مثل ألكسندر سونغ.
وأوضح سونغ أنه حاول كثيراً توجيه زملاءه من اللاعبين صغار السن، مثلما تعلم هو سابقاً من النجوم الكبار الذين لعب بجوارهم أو الذين أعجب بهم مثل روجيه ميلا، وأضاف أن نصيحته للاعبين الشبان دائماً هي الاجتهاد، ولكنه يرى أن النواحي المادية تستحوذ على اهتمام أكبر لدى اللاعبين الشبان، ورغم ذلك لم تكن هذه النواحي المادية سببا في الهزيمة في المباراة النهائية للبطولة الأفريقية.
وكشف ريغوبير سونغ عن أن أشد ما يزعجه بعد ضياع اللقب الأفريقي هو أنه لم يقم بإهداء اللقب إلى روح والده بول سونغ، الذي كان أول من ذهب به إلى الملعب، وأول من وجهه للعب كرة القدم، ولكنه توفي وكان اللاعب لا يزال في العاشرة من عمره.
وأشار إلى أن أفضل البطولات الأفريقية السبع التي خاضها كانت بطولتي 2000 و2002 حيث قاد الفريق للفوز بلقبي البطولتين، مشيراً إلى أنه لا يهتم كثيراً بتحطيم الأرقام القياسية فهي "هبة إلهية" ولكنه يتمنى دائما ألا يتعرض للإصابة، حتى لا تتوقف الحياة بالنسبة له، فكرة القدم والمشاركة في المباريات هي الحياة بالنسبة له.
وعن تفكيره في الاعتزال ، قال ريغوبير سونغ إنه يتمنى المشاركة في كأس العالم 2010، باعتبارها أول بطولة كأس عالم للكبار في أفريقيا، كما أنه مازال في الحادية والثلاثين من عمره ومازال أمامه سنوات كثيرة للعطاء فقد اعتزل ميلا بعد الأربعين، واستمر المدافع الإيطالي باولو مالديني قائد فريق ميلان في الملاعب لما بعد التاسعة والثلاثين من عمره وحتى الآن.
وعن اتجاهه للتدريب بعد اعتزال اللعب، أكد سونغ أنه أمر وارد بالفعل لأنه لا يستطيع الابتعاد عن ملاعب كرة القدم.